نشرت منظمة شيعة رايتس ووتش المعنية بحقوق المسلمين الشيعة حول العالم على موقعها الرسمي "مقال" لاحد الكتاب يسلط فيه الضوء على معاناة شيعة المغرب من المضايقات والانتهاكات المتكررة بحقهم من قبل السلطة و رجال الدين والمجتمع، اذ حول الكاتب الكشف عن الواقع المرير الي يعيشه اتباع اهل البيت عليهم السلام في ظل مجتمع تنتشر فيه التيارات السلفية وغيرها من الحركات المتطرفة.
يقول ع .ن أسعى في هذه الأسطر إلى تسليط الأضواء على جزء صغير من واقع الشيعة المرير في المغرب والإضطهاد الذي عاشته هذه الاقلية خلال السنوات القليلة الماضية ومازالت تعيشه حتى يومنا الحاضر.
ويوضح، بأنه "ليس غريبا أن نقرأ دراسة تشير إلى انحسار المذهب الشيعي في المغرب في الفترة المقبلة في ظل محاربة المغرب حكومة ورجال دين ومجتمعا لهذه الأقلية المذهبية التي لاتشكل سوى أقل من واحد في المئة من تعداد سكان المغرب بحسب آخر تقرير صادر عن الخارجية الأمريكية، والذي تناول واقع الحريات الدينية حول العالم، الدراسة التي نشرها مركز المسبار للدراسات السياسية مؤخرا و التي تحمل اسم "الوضع الاجتماعي في المغرب: مستقبل الشيعة في ظل صعود السلفية " تشير إلى وجود صعود كبير للتيار السلفي في المغرب، معتبرة أن هذا الصعود سيكون أحد الأسباب الرئيسية في انحسار التيار الشيعي في ظل الهجمات التي تواجهها هذه الأقلية من طرف الحركة السلفية الناشطة ووجوهها المعروفة والوازنة والمضايقات الرسمية التي تشل من حركتها فضلا عن الحرب التي تعلن عليها في مواقع التواصل الإجتماعي".
وتوقعت الدراسة، أن تحسم المواجهة في النهاية في صالح السلفيين كونهم يملكون الحشد الأكبر والصوت الأعلى ودعم الدولة.
في المغرب خطاب طائفي اقصائي يتبناه كبار رجال الدين تجاه التيار الشيعي والدولة تساند في ذلك! تعج مواقع التواصل الإجتماعي
تعج مواقع التواصل الإجتماعي وشبكة الإنترنت بالفتاوى والتصريحات والخطب الدينية والندوات الفقهية المناهضة للفكر الشيعي والتي من غير الممكن إحصاء عددها، ففي المغرب اجماع من قبل الدولة و رجال الدين على أن التشيع “خطر” بل أن بعضهم راح لأبعد من ذلك كالشيخ محمد الفزازي الذي يعتبر أن الشيعة “سرطان في الأمة الإسلامية ومقاومتهم فريضة شرعية” أما الشيخ رضوان المعتوق فيقول "إن ألد عدو للمسلمين في هذا الزمان ليس اليهود ولا المجوس ولا البوذيون ولا السيخيون ولا المشركون، ألد أعداء الدين هم الشيعة" بحسب تعبيره، ويعد الرجلان من الشخصيات البارزة والمؤثرة في المجتمع المغربي، ومليئة مواقع التواصل الإجتماعي بصورهم حيث صلى أحدهما بملك البلاد، وخطب الآخر بحضوره.
ويتابع، كذلك الشيخ الشهير عمر القزابري فله خطبة معروفة تحت عنوان “تحذير ذوي النجابة من الشيعة أعداء الصحابة” الخطبة فيها الكثير من التحريض على التيار الشيعي، تارة يحذر منه وتارة أخرى يصفه بالاخطبوط الذي يراد منه ضرب الاسلام. الحكومة أيضا وعلى مستوى الوزراء تشد على أيدي رجال الدين بقراراتها وتصريحاتها، مرة تحذر رجال الدين من التشيع وتتوعدهم بالطرد، ومرة أخرى يخرج الوزراء بتصريحات تتعارض مع ماينص عليه الدستور في حرية المعتقد، وزير الأوقاف أحمد التوفيق وصف الشيعة والمسيحيين المغاربة "بالفيروس" الذي يهدد الأمة، كذلك قال وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان مصطفى الرميد "إن حرية المعتقد تشكل تهديدا للدولة على المدى البعيد"، وزير العدل المغربي محمد أوجار الذي بدوره نفى وجود أقليات دينية في المملكة عدا اليهود!
ويبين في المقال، "تبني كبار رجال الدين والدولة في المغرب لهذا الخطاب الديني أدى إلى خوف أتباع المذهب الشيعي من الإفصاح عن انتمائهم خاصة وأن المغرب يمنع تأسيس جمعيات أو مؤسسات أو مساجد لأصحاب هذا المذهب ،حتى أن كتب الفكر الشيعي ممنوعة في المغرب وقامت وزارة الداخلية بتنظيم حملات طيلة السنوات الماضية على مختلف المكتبات لمصادرة الكتب التي لها علاقة بالفكر الشيعي.
الإعلام في المغرب "ليس حرا" ليرصد ماتتعرض له الأقليات من ظلم وتهميش!
بحسب تقارير دولية صادرة عن منظمات مستقلة يتبين أن الإعلام في المغرب ليس حرا، وكما أشار تقرير الخارجية الأمريكية حول حقوق الإنسان والحريات لعام ٢٠١٧ فإن
ويؤكد الكاتب، ان السلطات مازالت تشدد الخناق على من ينتقد الإسلام أو المؤسسة الملكية أو القضايا المتعلقة بالصحراء، وزادت أن "انتقاد هذه المواضيع يمكن أن يؤدي إلى متابعة الصحافي بموجب القانون الجنائي رغم أن حرية التعبير منصوص عليها في قانون الصحافة والنشر".
وبالتالي ليس هنالك تسليط للأضواء على واقع الأقليات الدينية وما تتعرض له من اضطهاد من قبل السلطة والمجتمع، لكن وبالرغم من ذلك تخرج بين الفينة والأخرى قضية الى الرأي العام عبر مواقع التواصل الإجتماعي تشير الى مستوى عالي من الإضطهاد يتعرض له أتباع المذهب الشيعي في المغرب من قبل جماعات سلفية وهابية ناشطة في المغرب تكفر المذهب الشيعي وتستبيح دم ومال معتنقيه، وهنالك بعض المنظمات تنقل معاناة ماتم تسريبه وتوثق اضطهاد الشيعة حول العالم مثل منظمة “شيعة رايتس ووتش” المستقلة ومقرها الولايات المتحدة الأمريكية، والتي أوردت العديد من حالات العداء الممنهج ضد الشيعة في المغرب.
الصراع السياسي بين ايران والمغرب ينعكس سلبا على شيعة المغرب
يقول، ان في كل مرة تتوتر فيها العلاقات السياسية بين إيران والمغرب يبدأ المغرب بشن حملات ضد الشيعة والفكر الشيعي، وقد ظهر ذلك جليا من خلال حملات وزارة الداخلية عام ٢٠٠٩ ومداهمة منازل الشيعة المغاربة ومصادرة الكتب الدينية، واعتقال العشرات على خلفية قطع العلاقات بين البلدين، الأمر الذي تكرر بعد قطع العلاقات بين البلدين عام ٢٠١٨ حينها شهد المغرب تنظيم حملات منظمة للمراقبة وتكثيف تفتيش بعض المكتبات، قصد الوقوف على حضور الكتاب الشيعي بحسب مصادر مطلعة أوردتها جريدة الصباح المغربية والتي أكدت أن مصالح المراقبة وجهت إليها تعليمات لمصادرة الكتب التي لها علاقة بالفكر الشيعي، أو إيران وحزب الله اللبناني. اتهام الدولة المغربية للشيعة المغاربة بالعمالة لصالح إيران وزجهم بالصراع السياسي الدائر بين الدولتين _يزيد من الطين بلة _ ويعرض الشيعة المغاربة لمزيد من المضايقات والأخطار سواء من قبل الدولة أو المجتمع، علما أن معظم شيعة المغرب لا ينتمون دينيا الى إيران حيث أن التيار الشيرازي والتيار الصدري هما التياران اللذان يتخذهما شيعة المغرب مرجعا دينيا لهم في أمورهم الفكرية والعقائدية وهذان التياران لهما اختلافات جوهرية مع إيران في التوجه والسياسة.
الدولة والمجتمع يلاحقان المتشيعين المغاربة ودعوات لتجريمهم!
يشير الكاتب الى، انه يتضمن المرسوم الوزاري رقم 2.15.249 تحذيرات شديدة من التشيع وجهتها وزارة الاوقاف للأئمة والمرشدين والمرشدات وكما أشرنا إلى ذلك في معرض الدراسة، فقد هددت الوزارة بطرد الأئمة المتشيعين دون إخطار ولاتعويض!
كذلك يطالب بعض رجال الدين المغاربة تجريم المتشيعين في المغرب ومعاقبتهم كما دعا الأستاذ حماد القباج عبر موقعه الإلكتروني على شبكة الإنترنت حيث قال “إن التشيع فتنة تتطلب الحزم وليس رأيا يطلب احترامه” على حد تعبيره.
إلى ذلك طالب الشيخ المغربي عبدالله النهاري بإخراج قانون في المغرب يصادق عليه مجلس النواب، ويقضي بمنع التشيع في البلاد وملاحقة المتشيعين، واقترح النهاري على الحكومات العربية عددا من التدابير، ومن أبرزها مصادرة أموال أهل الشيعة ومنعهم من زيارة دول المنطقة والتعامل معهم بحزم لأنهم ” مشروع قلاقل وفتن” على حد تعبيره،
هذا قامت جماعة مايسمى “دور القرآن” بنشر شعارات خريف عام ٢٠١٥ تدعو إلى قتل الشيعة حرقا، الجماعة يتزعمها تلميذ مفتي السعودية بن باز والمعروف بالشيخ المغراوي.
وفي العام ذاته نظمت جمعية الصفوة بمدينة مراكش مؤتمرا دوليا تحت عنوان “التشيع الخطر القادم” حضره كبار علماء المغرب وأكدوا فيه على أن التشيع ليست مسألة هامشية، بل أولوية وجب التصدي لها، نظرا لخطورة “المد الشيعي” بحسب وصفهم.
كل ذلك ويبقى مارشح إلى الإعلام ووسائل التواصل الإجتماعي قليلا مقارنة بما يروج له في خطب الجمعة وما تحتويه من تحريض طائفي ممنهج ضد الشيعة.
اتهام الدولة للشيعة بالوقوف خلف المظاهرات التي شهدها المغرب يزيد الضغوط على الشيعة المغاربة!
يقول الكاتب، أوردت صحيفة القدس العربي مطلع عام ٢٠١٧ تقريرا تحت عنوان: المغرب يتهم إيران والمد الشيعي بتهديد الأمن والاستقرار في البلاد
تحدثت الصحيفة عن اتهام السلطات المغربية، ايران والمد الشيعي بتهديد الأمن والاستقرار بالمغرب وذلك كما تقول السلطات بعد استقطاب الاف المغاربة واثارة الاحتجاجات في مناطق مغربية مختلفة خاصة في منطقة الحسيمة، شمال البلاد التي عرفت موجات من الاحتجاجات الاجتماعية، فيما دعت اوساط مغربية الى حل مشاكل المنطقة وتلبية متطلباتها الأساسية بعيداً عن سياسة التخوين.
ويلفت الى، ان "من يقرأ هذه المقالة ربما يتسائل من هم هؤلاء الشيعة ولماذا يحاربهم المجتمع والدولة بهذا الشكل الفظيع، ولماذا تخشى الدولة من كتبهم وتلاحقها في كل مكان، متى كان فكر أهل البيت ومذهبهم يشكل خطرا؟!"
ربما هذه الأسئلة وغيرها هي ما جعلت هذا المذهب يدخل عقول فئة من المغاربة ويستوطن قلوبهم، وربما يكون لهذه الحملات الممنهجة ضد الشيعة في المغرب نتائج عكسية تماما بحيث يتضاعف اعداد المعتنقين لمذهب أهل البيت، ولكن يبقى ذلك الاعتقاد قلبيا وتبقى تلك الرابطة بينهم وبين مذهب أهل البيت سرية خشية بطش السلفية والوهابية المنتشرة في انحاء المغرب بهم، وخوفا من تسييس السلطة لمعتقدادتهم وإدخالهم في دوامة تصفيات حساباتها السياسية، وهذا مايعرضهم لاتهامات فضفاضة ربما أقلها المساس بأمن الوطن، وهم في غنى عن كل ذلك.
اضف تعليق